الخميس، 21 مارس 2013

قصّة حب بين الشّمس والقَمر .



جلست ذات مرّه في حديقتنا بعد منتصف الليل حزيناً لفراقي من زوجتي . 
كلمّني القمر وسألني : " ما بك؟ " 
اخبرته : " انا حزين لفراقي من زوجتي ، ولا اعتقد باني ساراها ثانية " 
ضحك القمر وقال : " انا والشمس عاشقان منذ بداية هذا الكون ، انتظرها طوال النهار 
وتنتظرني طوال هذا الليل . انا احبها لدرجة اني اموت كل نهار لاجعلها تتنفس 
وهي تموت كل ليلة لتجعلني اتنفس . 
لم اراها يوماً ولم ترني يوماً ، وكلنا امل باننا سنتقابل يوماً ما . 
وكم تشكوا حبيبتي من فصل الشتاء اذ يقصّ شعرها ببرودته . 
وكم كنت ابكي ليلاً حرقة على حبيبتي عندما تمرض بما يسمى كسوف الشمس . " 
سكت القمر ثم قال : " آه كم أحبها " 
وسكتّ انا لفترة قصيرة ثم قلت : " انها قصّة حب عجيبة ! " 
ضحك القمر خجلاً وقال : " أشكرك ، والان اخبرني .. كيف تبدو الشمس؟ " 

الخميس، 28 فبراير 2013

الضَّوء سيقوُدنا للوطن .




قصف .. اموات بالعشرات .. جرحى بالمئات .. مفقودين بالاف .

امهات ينحبون .. اطفال يائسون .. رجال مجرحون . 
كل هذا يحصل الان في مدينتي .. مدينتي الجريحة " حمص " وفي هذه الزحمة وعلى حدود المدينة همستُ بخوف لدارين : " شيء مخيف " اجابت دارين على الفور : " ماهو المخيف يادانه؟ " اخبرتها : " شيء مخيف حقاً ، انظري الى حياتك قبل 10 سنوات الم تكن مختلفة جداً؟ " أجابت دارين " نعم مختلفه جداً جدأ " تسالت : " ماذا ستكون حياتنا بعد 10 سنوات .. او حتى 5 سنوات؟ "اجابت بسرعة :" لا يهم ماذا تكون ، لا أسعى الّا ان اتخلص من هذا الكابوس الطويل الذي نعيشه " اجبت ضاحكه : " ان هذا الكابوس الطويل هو واقعك دارين ، اعتقد اني تأقلمت مع هذا الواقع الكئيب " همست دارين بخوف : " حسناً ، ساذهب الى النوم على امل باحلام اسعد " 
" حسناً ، احلام سعيدة "


لقد كذبت على دارين ، لقد مرت 4 شهور منذ هذه الحادثه ولكني لم اتأقلم بعد .

لم اتأقلم على فكرة فقدان امي وابي ، لم اتأقلم على فكرة العيش مؤبد هنا في السجن . 
صرخت في عقلي " ماذنبي؟؟؟؟ " لم استطع ايجاد اجابة لهذا السؤال .. اني اعيش في غرفة لا تسع لشخص واحد 
ولكنني على اي حال اقطنها مع فتاة اخرى في نفس عمري اننا جميعاً في السابعة عشر من عمرنا . 
ان هذا ليس سجن عادي ، لا يسكن هذا السجن القاتلون المتسلسلون او السارقون المحترفون او الإراهبيون 
يسكن في هذا السجن " الابرياء " نعم .. الابرياء ، كل الذين يقطنون في هذا السجن ابرياء 
ذنبهم الوحيد انهم ابناء لاباء جاهدوا بارواحهم وابنائهم من اجل الحريّة من حكّام هذه البلد . 
قبل 4 شهور ذهبت امي وابي للمظاهرة ضد الحاكم " بشّار " ، تركوني عند جدتي العجوز 
كان من المفترض ان تهتم بي ولكني قمت بالاهتمام بها .. لقد غاب ابي وامي اسبوعان 
مازلت اتذكر كيف كنت استمر بالتحديق الى شاشة التلفاز على أمل ان اراهم هناك . ولكن لا جدوى 
بعد مرور الاسبوع الثالث تفاجئت باحدهم يدق الباب بكل قوته حتى احسست ان الباب سوف يُنزع من مكانه
فرحت حقاً ، ظننت انهم والديّ لكن تفاجئت بصوت غليظ يأمر : " افتحوا الباب او نزعته " .. هذا ليس صوت ابي !!!!!! 
اشارت جدتي بان اصمت ثم سالت بصوتها المرتجف : " من هناك؟ " 
قال لها الصوت الغليظ : " هنا الشرطة ، انا أأمرك بفتح الباب " 
اخبرتني جدتي بان علي الاختباء في اي مكان ، ولكن لماذا؟ لم اكن ادري؟ كنت مرتبكه حقاً .. سمعت صوت الباب ينفتح 
لم يسعني الا ان دخلت الى دولاب ملابس جدتي الخشبي وحبست انفاسي 
سمعت صوت جدتي : " لا يوجد رجال في المنزل ، عارٌ عليك التواجد هنا " 
سأل الصوت الغليظ مراراً : " هل تعرفين فرح و يوسف الخطيب؟ " .. تسالت في نفسي لماذا يسال هذا الرجل عن امي وابي؟ 
قالت جدتي بصوت فخور : " نعم ان فرح هي ابنتي الشجاعة " 
ما إن مرت ثواني على كلامها حتى اسمع صراخها يتلاشى ، اردت التحرك اردت فعل اي شيء لكني فتاة في السابعة عشر ماذا عساي ان افعل ! 
كنت ابكي بصمت داخل الدولاب ، لم اكن اعرف ماعلي فعله .. لقد تركتهم يأخذون جدتي !! 
قام رجال اخرون بتفتيش المنزل وكنت اسمع اصوات كؤوس تتكسر واثاث ينقلب 
ومع كل خطوه يقترب الرجال من الدولاب كان قلبي ينبض اكثر وكأنني على وشك الموت ! 
عاد الصوت الغليظ مره اخرى قائلاً : " اعرف انك هنا ، هيا تعالي لن نؤذيك " 
كنت في حالة صمت وكنت اترقب من خلال فتحه صغيرة في الدولاب ، ما إن رأيت شخصاً أسمر اللون عريض المنكبين يدنو من الدولاب 
يدنو ببطىء وكأنما اراد تعذيبي ، اقترب كثيراً لدرجة اني لا ارى غير السواد من خلال هذه الفتحه اغمضت عيني ودعيت ربي " ارجوك ، ايقظني من هذا الكابوس .. ارجوك " 
فتح الصوت الغليظ الدولاب بهدوء وبرود بدأت اصرخ كالمجنونه : " ارجوك ! لا تأخذني " " انا فتاة ارجوك ماذا عساي ان افعل؟ " " ارجوك " " الى اين ساذهب " 
امسكني من شعري واخبر باقي اعضاء فريقه بان يمسكوني .. البسوني كيسا على وجهي لكي لا ارى اي شيء وطوقوا كلتا يدي 
ادخلوني الى حافلة او باص لم اكن اعلم ماهذا الشيء بحق الحجيم ! 
بدأت اشعر بان اشخاص معي في هذه الحافله .. بدأت بتفقد الاشياء برجلي الى ان لامست شعراً طويلاً همست : " هل من احد هنا؟ "
رجوت من كل قلبي ان يجاوبني احد ، لكن الصمت كان مزعجاً في تلك اللحظة .. حاولت ان انزعل الكيس الذي يغطي وجهي ولكن لا فائدة
بعد مرور نصف ساعة توقفت السيارة وفتحوا الباب وبدأوا باخراجنا ، امسكت بي يد ضخمه جداً ودفعتني نحو اشخاص اخرون
لا استطيع ان ارى شيء لكني استطعت الاحساس بوجود رجلان يقفان بجانبي ، ادخلونا الى غرفة واخيراً قاموا بنزع غطاء الرأس من علي وفكوا القيود
في تلك الغرفة يوجد الكثير الكثير من الناس الصامتين ، بدأت بالتساؤل بصوت عالي : " ماذا حدث؟ هل يعلم احد؟ "
وكالعادة لم يرد علي احد ، كررت السؤال : " لماذا انا هنا؟ ماذا يحدث؟ " .. أجابتني فتاة ذات شعر اشقر ناعم وعينان رماديتين وشفتين ممتلئتين بلون الزهر 
انها اشبه بالملاك : " الا تستطيعين تحليل الامور؟ انت هنا بسبب امك واباك " .. اجبت : " لم افهم ! " 
اجابت : " جميع ابائنا تظاهروا في الميدان ، جميعنا فقدنا ابائنا بسبب تلك المظاهره نصف من ابائنا ماتوا والنصف الاخر سجنوا مع التعذيب !
واعتقد اننا سنسجن نحن ايضاً ! " 
بدأت الدنيا تدور في رأسي ، مع كل الناس حولي الا انني احسست بالوحدة للمرة الاولى .. اين امي وابي؟ جدتي ! ماذا قد فعلوا بها 
قمت من مكاني وانا اطرق الباب بكل ما أوتيت من القوة وابكي قائله : " افتحوا افتحوا ، اريد امي ، افتحوا ايها المجانين ياجبناء افتحوا " 
لا ارى اي رد او اي صوت ، اتلفت حولي لكي ارى وجوهاً تعيسه جداً .. بل وجوهاً بلا ملامح ، لم يستطع الحزن رسم ملامحه على تلك الوجوه
اللاشيء رسم ملامحه على تلك الوجوه اليائسة من الامل .. صرخت : " هل ستبقون هكذا صامتين !!!!!! " 
لم اجد اي اجابه ، ركعت وبدأت بالبكاء جلسنا في تلك الغرفه صامتين لمدة 3 ساعات
الى ان فتحوا الباب وقاموا بتقسيم الغرفه لقسمين ، اليمين للفتيات واليسار للشبان .. قاموا بادخالنا الى غرفه صغيره مليئه بالاكياس البرتقاليه 
وقاموا بتجريدنا من الملابس والبسونها هذا الكيس البرتقالي .. اصطفينا طابور امام باب كبير جداً 
ادخلونا واحده واحده .. وعندما جاء دوري ارتبكت كثيراً لاني لاعلم لاين ساذهب وماذا سيفعلون بي ! 
اجلسوني على مقعد خشبي وقام رجل اشبه بالدكتور يلبس الابيض والقفازات بحلاقه شعري . 
كيف يحق لهم ذلك ! انه شعري ! سالت بصوت ممزوج بالبكاء : " لماذا؟ " لم اتلقى اجابه 
لا اتوقع اجابه على اي حال ، أصبحت صلعاء كوالدي . 
رموني داخل حجره صغيره جداً جداً مع فتاة من نفس عمري
جلست بالركن ابكي وانتظر متى استيقظ من هذا الكابوس ، نعم انه كابوس .. لابد ان يكون كابوس ! 
ماذنبي انا بخطأ ارتكبه والديّ ! ساستيقظ من هذا الكابوس وسوف اعد الفطور لجدتي وكل شيء سيصبح على مايرام نعم !
غفوت تلك الليلة باعيني المتعبه . 
وها انا اغفو هنا ايضاً بعد 4 اشهر من احتجازي أملاً بان استيقظ من هذا الكابوس المزعج . 

استيقظت في الصباح الباكر على صوت الانذارات ، لم تكن هذه الانذارات سوى منبهاتنا 
بقيت ممده على سريري الى ان رموا الطعام من فتحه صغيره في الزنزانة 
ولك خياران لا اكثر .. ان تتناول الطعام هذا وستصام بالمرض ، او تبقى صائماً مدى الدهر حتى تموت 
في كلا الحالتين سيصاب مكروهاً لي ، فضلت على ان لا أكله وسأعوضه بفتره الغداء
اذ ان الطعام في فترة الغداء يبدو مقبولاً بالنسبه لهذا . 
اخذت دارين صحنها وبدأت تاكله باشمئزاز .. طلع الفأر من حفره ما في السجن . 
واخذ يقترب من طعامي ، ذاق قطعه منه ولكنه فر حال ماوصل الطعام الى بلعومه من شدّه قرف هذا الطعام 
بعد ان شبعت دارين ، خمدت للنوم مره اخرى .. اما انا فكنت افكر بأمي وابي وجدتي ، لم استوعب فراق اختي " سارة " لكي استوعب فقدان والديّ
اما عن اختي سارة فكانت تكبرني سناً ، كانت ذات الـ 22 عام ، كانت تذهب الى الجامعه كأي بنت عاديّه هنا 
كانت تشبهني جداً وكانت مقربه مني جداً ، صُدمنا يوم حين اخبرتنا زميلتها بانها ماتت خلال طريق ذهابها الى الجامعه من " جيش بشار " 
كان مقتل سارة اشبه بالقنبله لامي وابي فالايام الاولى كنا صامتين لا نجرؤ على النطق بكلمة واحدة 
لكن بعدها قام والديّ بالمظاهرة باروحاهم من اجل زوال " بشّار " ، اما انا كما قلت سابقاً مكثت في بيت جدتي 
لكني كنت كل يوم ازور قبر سارة بورود اقطفها من حديقه بجانبنا . 
كتبت يوماً رساله لها ، وها انا اتذكر كل حرف وكل كلمه في تلك الرسالة .. لاني كتبتها من اعماق قلبي 
كتبتها وانا ابكي ، كتبتها عندما كنت في اشد المي .. كان محتواها : 
" لقد مضت اياماً قليلة منذ ان متِ ، لقد كان موتك صامتاً وهادئاً جداً 
كنت عادة تقولي تلك النكت السخيفة وتضحكي عليها ، كان بامكاننا سماع خطواتك 
لكن اليوم انت هادئة ، عندما اخبروني بموتك .. عالمي بأكمله اُغلق في وجهي 
نسيت كل شي من هذا العالم ولكني مازلت اتذكر ملامح وجهك بوضوح
حياتي تغيرت كلياً بعد تلك اللحظة ، اختك الصغيرة تتمنى ان تكون نائمة بجانبك في القبر الان. " 
وذهبت الى قبرها ووضعت الرسالة ، اعلم بانها لن تتمكن من قراءتها ، لكن شيء اخبرني بان اضعها هناك 
كنت اموت كل يوم في انتظارها ، يوم بعد يوم .. ولكن لا جدوى . 
والان في هذا السرير القذر اشعر بالتعاسة 
اشعر بانكِ يجب ان تقفي هنا بجانبي . 
نمتُ بدون وعي ، ولم ادرك اني نمت الا ان استيقظت من صوت الانذار 
لكنهم يأتون بوجبه العشاء بدل وجبه الغداء ، سالت دارين .. " مالذي فاتني؟ "
اجابت : " ليس الكثير ، فقط نمتي 12 ساعة او اكثر " 
" ماذا ! ، لم اشعر بذلك على الاطلاق " 
اكلت وجبتي بشراهه فقد فوتت وجبه الغداء والفطور ، اليوم هو يوم " الاحد " 
مما يعني ان بامكاننا ان نخرج الى ساحة السجن ولكن بمراقبة شديدة 
يوم الاحد بالنسبة للسجناء يعتبر عيد الميلاد ، تُسمح لنا فرصة بتكوين علاقات اجتماعيه في هذا الوقت 
لم اكن تلك الفتاة الاجتماعيّة على الاطلاق فبخلاف دارين لدي صديقين اخرين فقط " ادم " و " اياد " 
صافحتهم بحرارة بدأنا بالتحدث والتحدث والتحدث الى ان فرغت كل احاديثنا .
لقد استهكلنا كل احاديثنا في الشهر الاول .. فلم يكن لدينا احاديث اخرى ، فكان علينا اختلاق قصّص
قلت : " هل اخبرتكم يوماً عن الامير عبدالله " 
ردوا جميعاً :" وماذا به؟ " 
حمداًلله ، انهم في مزاج جيّد لسماع قصتي .. لم يكونوا دائماً بهذا المزاج 
أكملت : " كنا في باريس نرقص على انغام موسيقى كلاسيكية ، بعد الانتهاء من الرقص ركع على ركبتيه وقال هل تتزوجيني؟ 
قلت نعم اتزوجك ، وعشنا حياة سعيدة وانجبنا اطفال وهم الان يديرون شركات ماليّة " 
اجاب اياد : " يالها من حياة بائسة ! " 
اجبت ضاحكة : " انظروا من يتكلم عن الحياة البائسة ! " 
اكمل أدم عنه : " صحيح حياة بائسة ، فهو لم يشارك لحظات ضعفك او حزنك ، تشتركون فقط في الفرح وهذا شيء محزن ! " 
لطالما احببت أدم ، انه ذكي ووسيم .. حسناً طوال حياتي لم استطع التفريق بين الاعجاب والحب !
لكنه ماحسّه الان كالسحر ، يمكن لعيناه الزرقاوتان ان تاخذاني لمكان اخر .. بعيد جدا جدا . 
يمكنني الابحار في سحر عيناه ، ولكن السحر يمكن ان يكون وهماً احياناً . 
نظرت الى السماء ، واخذت نفس عميق وكبير .. لا توجد نجوم كثيرة هنا ، بالكاد ارى نجمة او نجمتان 
اتذكر عندما كنت في السّن السابعة وعندما اخبرت ابي : " مافائدة النجوم في السماء؟ " 
اخبرني : " عندما تكويني وحيدة انظري الى السماء وانظري كيف تشعّ النجوم من اجلك ، صُنعت النجوم لكِ يافتاتي الصغيرة 
اخبري النجوم اسرارك الصغيرة ، واشكي لها مشاكلك ، فلدى النجوم سحر .. ان النجوم صامده معك الى النهاية " 
لا عجب يا أبي ان لا نجوم اليوم في السماء ! فلم يبقى لي احد ينصت الي .. ولا حتى النجوم يا ابي . 
دخلنا الى الزنزانات ، ومر الشهر ببطىء شديد وبإحداث كثيره جدا جدا تشغل البال 
لقد انتحر صديقنا العزيز " اياد " . 
لقد طلب من رجال الامن احضار موس حلاقه بحجة انه يريد قصّ لحيته فقد اصبحت كثيرة و تعب منها ! 
لم يلبوا طلبه ، ولكنه اصرّ على ذلك الموس ، لدرجة انه قدم عرض على من يأتي بالموس ان يعطيه غداءه لمدّه اسبوع 
بعد اسبوع من طلبه وفر احد المساجين الموس له ، وكان الموس حاد .. فأخذه اياد وقام بتجريح نفسه حتى الموت 
خبر موته كانت كالصاعقة علينا ، فكان يجلس معنا دائما وكنت دائماً اقول له : " لا تقلق ، نحن معك " 
ولكن بعض الاحيان نحن نسمع ولكن لا نستمع ، وبعض الاحيان نرى ولكننا لا نبصر ! 
رحماك يا الله ، ادعوا الله لك في كل صلاة بالرحمة والمغفرة ، لقد كنت صديق رائع .

وفي هذه الاوقات ايضاً بدانا انا وادم بالشغل في احد اعمال السجن ، لقد كان العرض مغري جداً 
فاذا اشتغلت تحصل كل يوم على اربع وجبات غدا بدل ثلاثة 
دارين رفضت الامر بشدّه ؛ متحججه انه لا جدوى من الاكل اذا كان في كل الحالات سيء
كنا نحمل البضائع من السجن الى سيارة ، خلال العمل يتخلل لحظات من المزاح والمغازلة اللطيفة .
بإمكان أدم ان يجعلك الجحيم مكان أمن ، وفي يوم من الايام وخلال ضحكاتنا مع العمل ! 
صارحته واخبرته : " أدم ، اريد الاعتراف بشيء " 
قال ادم :" حقاً ! ، وحتى انا " 
قلت : " اعتقد اني اكن بعض المشاعر لك ، واعرف اننا يوماً سوف نخرج من الجحيم هذا وسنفترق 
لذا ارجوك لا تجعلني اتعلق بك ثم تذهب وتتركني خلفك ! " 
قال : " لا يمكنني ! 
اعتقد اني وقعت في الحب للمرة الاولى " 
سالته باستغراب :" هل تحبني حقاً؟! " 
اخبرني : " الحب كلمة ضعيفة جداً لما اشعره " 
سكت حينها ، ماذا عساي ان اقول؟ 

فيوم من الايام واثناء عملنا ، قال سائق الباص وبشكل مفاجئ جداً 
" غداً البضائع ستكون قليلة جداً ، وسيكفي المكان لاثنان منكما فقط . 
اذا اردتما الهرب من هنا سوف اسهل الامر واخذ طريق اخر مختصر لا يوجد به تفتيش متعذراً بالوقود " 
لا اعلم ، لقد اصبت بالصدمة ، والاستغراب في هذا الوقت .. لماذا يخاطر لاجلنا؟ 
لقد سالته هذا السؤال واجابني : " انكما هنا ظلم ، ولا احد يرضى بهذا الظلم " 
تذكرت فجأه دارين! ياللهي دارين ! اخبرت السائق ولكنه رفض تماما احظار شخصاً اخر رفضاً تاماً . 
بعدما رحل السائق ، عقلي انقسم لنصفين .. نصف يود الذهاب حقاً يود الحريّة يود العيش .
والاخر يود البقاء لانه الا يريد ان يلقب بالـ " الصديق الخائن " ، اعرف انه اذا هربت سيطاردني الذنب الى الابد !! 
بكيت جداً في زنزانتي ، بدات اتوسل لربي لكي يرشدني الى الطريق الصحيح .. اخترت الخيار الاول لمصلحتي ! 
اعلم اني لا استحق كوني صديقة ، اعلم ذلك جيداً .. لكني قررت ان اظهر بعض الاحترام وان اكتب رسالة لها من ورق الحمام .. 
" عزيزتي دارين ، 
اسفة لاني صديقة مريعة جداً ، اسفة لاني احب نفسي لهذي الدرجة
اعرف اني مذنبة ، اعرف ان ضميري سيطاردني لبقيّة حياتي 
اعرف انك تكرهيني الان ، وتتمنين موتي الان 
بصراحة اتمنى موتي ايضاً 
انا اسفة لاني مليئة بالذنوب ، وانا اسفة لاني ذهبت ولم اخبرك بهذا " 
تركتها تحت وسادتي ، حضنتها بشدة قبل ذهابي الى العمل وانا ابكي واذرف الدموع 
كانت تسالني ماذا حدث؟ ضاحكة .. لم تكن تدري ، دارين المسكينة !
حملنا الاثاث ، وكانت تلك اللحظة التي يتوجب علينا الدخول الى الشاحنة
نظرت الى ادم مترددة ، كررت القول " لا استطيع فعلها ، لا استطيع فعلها "
في تلك اللحظة مسك معصمي وجرني نحو الشاحنة ، خرج سائق الشاحنة وتاكد باننا دخلنا واغلق الباب . 
قلبي كان ينبض بقوة شديدة ، لدرجة اني اشعر بانه سينفجر في اي لحظة .. بقينا النصف ساعة الاولى صامتين في الظلام !
بدأت في الكلام : " لقد فعلناها " 
رد أدم : " نعم فعلناها ، نحو احرار الان " 
مسك ايدي في السيارة ، مرت الساعتين في هدوء كامل لم استطع سماع شيء غير انفاسه . 
عندما اخرجنا سائق الحافله كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف مساءً ، وكان الجو ممطر جداً 
قال : " انتهت مهمتي الان ، ارجوكم حافظوا على نفسكم " 
وذهب ادراج الرياح . 
تبللنا من المطر ، مديت ذراعي كالطيور شعرت بالحريّة وشعرت باني احلق كالطيور 
كان اجمل شعور في حياتي ، بدأت بنزف دموع الفرح . لم ابكي من الفرح من قبل ! ولم اشعر بهذا الشعور من قبل ! 
بدأ المطر يزداد ، وكانه يزيل شوائب الماضي مننا لبدء حياة جديدة 
اما ادم فكان راكع على ركبتيه لا يستطيع الكلام ، ان الحريّة ارقى من اي كلمة .. انه شعور لا يوصف 
ركعت بجانبه وقمت باحتضانه ، كان باشد الحاجه لذلك الحضن . 
بعد مرور خمس دقائق سالت أدم : " وماذا بعد؟ " 
قال : " لنذهب الى الوطن ! " 
سالت : " اين الوطن؟ ادم " 
اجاب : " الضوء سوف يقودنا للوطن عزيزتي " 

،

*بعد 12 سنة * 


لقد مات أدم ، لا اريد ذكر تفاصيل موته لكن كان هذا منذ زمن بعيد
لدي من ادم ابن واحد يسمى " يوسف "
على اسم اعز الناس الى قلبي ، اكتشفت بعد 4 سنين ان والديّ ماتوا لاسباب مجهولة
سوريا بخير الان ، انها تنعم بنعيم كبيرة الان .

أدم ، شكراً لكل شيء .. شكراً لايمانك بي ، شكراً لان الزمن لم يغيرك لن انسى تفاصيل وجهك وعيناك الزرقاوتين
وكما تقول غادة السمّان : " ومازلت أحبك من الوريد الى الوريد "
فأنت مازلت هنا في قلبي ، ادم .. رحمك الله

اياد ، رحمك الله ، لم استطع التعرف عليك اكثر .. كان عليك الصبر اكثر ، كنت اعهدك فتى محارب .
لقد بكيت كثيراً ، كدت اصاب بالعمى .. لماذا احتفظت بكل هذه الجروح لنفسك؟ لماذا لم تشاركنا؟

دارين ، ساخبرك اني مشتاقه لك ومتأسفة جداً لكني لا اعرف كيف ، سامحيني .
لا اعرف اذا كنتي ميته او حيّة ، تتذكريني او لا .. ماذا كانت ردة فعلك؟
مهما يكن ، انا مذنبة وانا اسفة ايضاً
وإن كنتِ تقرأين ، فانا احبكِ .

امي وابي ، بارواحكم تحررت سوريا بعد الله سبحانه ، انتم قصّة تاريخية يمكنني ان احكيها لاحفادي .
ابنتكم تعيش بسعادة الان ، بفضلكم .


النهاية .


الاثنين، 21 يناير 2013

كل كوابيسي محصورة حول فقدانك !


كل كوابيسي محصورة حول فقدانك !
قصّة قصيرة / حزينة / رومانسية 




" أحب الارض تحت قدمه ، والهواء حول رأسه ، وكل شي يلمسه
وكل كلمة يقولها - احب كل ملابسه ، وكل ما يفعله .. أحبه كله " 


--




كل كوابيسي محصورة حول فقدانك 
وفي تلك الليلة الممطرة من شهر يونيو راودني كابوس باننا افترقنا 
واصبحت وحيدة .. وحيدة جداً بدونك ! 
أستيقظت من ذلك الكابوس وانا استطيع احساس دمعي يدنو من أنفي .. أنا حقا لا اريد فقدانك!
ماذا أفعل من غيرك؟ أنا لا شيء من غيرك انت اللذي اعطيت للحياة معنى من جديد 
انت اللذي مسحت دمعي حين بكيت ، وحاربت معي حين أنهرت .. صدقتني حين كذبني الاخرون 
آمنت بي حين كفروا بي الاخرون ، واعطيتني حين حرمني الناس ! 
لا زلت اتذكر وقوفك بجانبي حين موت أمي ، لازلت اتذكر كم كنت تردد " كل شيء سيكون بخير "
وفعلاً اصبح كل شيء بخير بك ، ولكن ماذا سافعل لو لم نلتقي؟ ماذا لو كنت تحب فتاة اخرى
ماذا لو كـ... وقاطع حبل افكاري صوت جوالي ، انها رساله منه .. نعم انها الرساله من احمد 
فتحت الرساله مبتسمة وانا متلهفه من الشوق وكان مضمون الرسالة : 
" أُحبّكِ " 
زادت ابتسامتي الى ان اصبحت ضحكه خفيفه ! 
فكرت بكتابة رساله رد له ، ولكن ماذا بعد هذه الكلمة؟ ليس بعد هذه الكلمه شيء
سافسد وقع هذه الكلمة . 
واخيراً حملت نفسي وتوجهت الى الحمام غسلت وجهي وخرجت لكي البس ..
تأملت وجهي في المرآه وكأني لم اراه من قبل ، لقد قام ذلك الكابوس المزعج برسم ملامح حزن واضحه في وجهي .
قمت بترتيب شعري على شكل ضفيرة عشوائيّه وتركته على جانبي الايمن 
أحب ترتيب شعري بتلك الطريقه ، فشعري لا يدل الا على شخصيتي ، نعم انا . 
كانت أمي " رحمها الله " توبخني دائماً على تلك التسريحة أعتدت سمعاها تقول : " شعرك لا يدل الا على شخصيتك ، لماذا تسرحيه بتلك الطريقه العشوائيه؟ " 
وكنت اقول : " وهذه هو الغرض، شعري يدل على شخصيتي .. أنا عشوائيّه أمّي ! "
وضعت بعض مساحيق التجميل بغية في اخفاء ملامح الحزن ، تذكرت تلك الراسله فبدأ قلبي بالخفقان اقوى من ذي قبل 
ذهبت الى الطابق السفلي ، رأيت ابي يعد القهوه ، واختي تقلب في قنوات التفاز بعشوائيّه
أما اختي سارة ذات الـ 17 عام علاقتي بها لا يمكنني وصفها سوا بعلاقه خاليّه جداً من اي مشاعر ، لا امتلك اي مشاعر تجاها
لا نتحدث بالايام والشهور ، محادثتنا محصوره حول : " اعطيني هذا ، ناوليني هذا "
اريد معرفه على هي تكرهني؟ هل شعرت بالغيره مني في مرحله ما من مراحل حياتها؟ 
لا اعتقد ذلك فهي أجمل مني وأكثر اناقه .. اعتقد ان هذه المشكله ستزول مع مرور الزمن لذا لن اهتم بعد الان ! 
أخذت شريحة من شرائح التوست واضفت اليه الجبنه وجلست فوق مائدة الطعام 
التفت الي ابي قائلاً : " أوه! ماهذا الجمال؟ اقاصدة مكان؟ " 
جاوبته : " أعتقد باني ساتنزه قليلاً مع احمد ، لم اخطط لهذا " 
قال ضاحكاً " انا اشعر بالغيره من احمد ، لقد اخذ معظم وقتك .. بل كل وقتك ! " 
قلت : " لا تقلق يا أبي ، لن يأخذ مكانك ابداً " 
انهى ابي الحديث باتبسامة ، وبعد ان انتهيت من تناول الخبز ذهبت الى الصاله لكي اتمكن من المحادثه الى أحمد . 
ما ان بدأت الاتصال حتى أرى الرد منه على الفور .. هذه التفاصيل الصغيره تسعدني !! 
أنا : اوه! مرحباً ! 
أحمد : أشتقت لك جداً 
أنا : أنا أكثر ! 
أحمد : كيف حالك هذا اليوم؟ وكيف حال شعرك؟ 
أعرف ان احمد يحب شعري شديد السواد فاحببت مزاحه : أفكر في قص شعري ، وماذا عن شعرك؟ 
أحمد : انت تعلمين اليوم الذي ستقصين شعرك فيه سيكون يوم مماتي صحيح؟
ضاحكه : ليس لهذه الدرجه !!
احمد : بل أكثر ! 
أنا : حسنا ، هل تريد الذهاب الى مكان .. اعلم ان اليوم ذا طقس سيء لكن اود رؤيتك . 
أحمد : بالتاكيد وهل لي ان ارفض؟ لكن الى اين؟ 
أنا : ماذا عن تلك الحديقة؟ 
أحمد : حسناً جبد
انهيت المكالمة ، وذهبت بسرعه جداً واخذت معطفي ونزلت مسرعه قبلت والدي على رأسه وركظت خارجه من الباب ! 
استأجرت سائق تكسي ، لقد قررنا ان نتواعد بعد ساعة من المكالمة .. لكنني لا اطيق الانتظار ! 
عندما وصلت الى الحديقة لقد رأيته ، نعم انه هو أحمد بمعطفه المخملي الأزرق وعيناه الاشد زرقة من معطفة
لم ادرك نفسي الا وانا اطوقه بكلتا ذراعي وهو يفعل نفس الشي ، بعدما تركته قلت
- " لم أطق الانتظار وجئتُ قبل الموعد بساعة ، ولكن ماذا عنك؟ " 
- " لم أطق الانتظار انا الاخر ، لقد اشتقت .. اشتقت جداً " 
امسك يدي وجلعني ادور كأميرات ديزني .. وامسك اطراف شعري وبدأ يداعبه وبدأ شعري يستجيب لنداءه وقام يتراقص على الحان يده
بدأت احكي له كابوسي المرعب ، وكيف ان رسالته انقذتني من حزني 
قلت : " اخاف ان افقدك ! " 
هو : لن تفقديني ، سنظل هكذا للابد أعدك بهذا .. لن ادع اي شيء ان ياخذني منك الا .. " 
ارتبكت : " الا.. الا ماذا؟ " 
قال : " الا الموت " 
أن احمد رجل واقعي جداً ، أحب هذه الصفه به لاني اعلم ان كل مايقوله ليس برومانسية زائدة انما يقول الحقيقه فقط ! 
مررت الساعات وكانها دقائق معه ، وانتهى حديثنا بقبلة ورجعنا من حيث اتينا ! 
انها الساعه التاسعه .. يجب ان أكمل لوحتي الفنيّة لقد مضت شهور عليها .. 
ذهبت الى النوم بعد ان اكملت اللوحة وكلي امل باحلام الطف واسعد من ذي قبل 





كل كوابيسي محصورة حول فقدانك 
روادني نفس الكابوس هذا اليوم !
حلمت باننا افترقنا واصبحت وحيدة .. وحيدة جداً 
استيقظت من النوم لكي اجد دمعي يحاول ان يدخل الى فمي المغلق بحكمه .
لكن هذه المره وجدت نفسي في غرفه بيضاء ولها رائحه غريبه ، اشبه برائحه المعقم !
ما ان مرت دقيقه حتى استوعبت اني في المشفى ، اني مطوقه بإبر مغذيّه واجهزه كثيره واسلاك وممرضات وأطباء في كل مكان ! 
ماذا يحدث بحق الله؟ من جاء بي الى هنا؟ ايعقل ان يكون هذا مجرد حلم؟ التفت يمنه ويسرى لكي ابحث عن اجابه 
وجدت أبي نائماً على كرسي وأحمد نائم على الاخر ، بدأت بالتوتر حقاً لا اتذكر اي شيء . 
حاولت ان ايقظ احمد هامسه له : " أحمد أحمد استيقظ ، ارجوك استيقظ .. هيا اجبني " 
وبالكاد فتح احمد عينه حتى بدأ بالتكلم : " اوه ! انظروا من استيقظ .. سعيد لأنك بخير " 
أنا : " اخبرني يا احمد ، لماذا انا هنا؟ ماذا حدث؟ " 
احمد : " حسناً .. لا شيء .. في الحقيقه .. سـ سـاذهب الى الحمام .. " 
بدأ مرتبكا مما زاد ارتباكي : " أحمد ، انا اترجاك اخبرني ماذا هناك " 
احمد : حسناً ، انظري انه ليس بالشيء الخطير ، لم اكن متواجداً هناك لكنك استيقظت من النوم وذهبت الى غرفه اباك وأغمي عليك هناك " 
أنا : " أغمي علي؟ ذهبت الى الغرفه؟ لا اتذكر كل من هذا ! .. حسناً هل انا بخير؟ " 
احمد : " لم تظهر نتيجه التحاليل الى الان ! " 
وعندها ظهر الطبيب ذهب أحمد لكي يوقظ أبي من نومه العميق
وبدأ الطبيب بطرح الاسئلة علي : " أهلا يا ندى ، كيف حالك الان؟ "
انا : " بخير .. اعتقد اني كذلك ، هل انا بخير؟ "
الطبيب : " ستظهر نتيجة التحاليل الان ، أنك بخير لا تقلقي " 
أمسك أحمد يدي وبكل قوه واخبرني بان كل شي سيكون على مايرام .
استغرقت التحاليل الكثير والكثير من الوقت ، حاول احمد وابي ان يلطفوا الاجواء عني قليلاً 
وحاولت ان لا ابين لهم توتري الواضح جداً ، بدأت باخبارهم عن اشياء تافهه كقصصي وانا طفله وفوبيا الاماكن المرتفعه لدي
وهذا كله لكي اخفي توتري الواضح ، وكل ماخبرتهم بقصه بدأوا بالضحك كالمجانين وكل هذا لكي يخفوا توترهم الواضح
جاء الطبيب مرة اخرى .. أخذ الطبيب التحاليل من الممرضه لكن تعابير وجهه تغيرت تغير ملاحظ جداً 
بدأت عيناه تصغران وعقد حواجبه قائلاً : " هل يمكن ان التحدث اليكم بانفراد؟ " مشيراً الى ابي واحمد
صرخت : " وماذا عني؟ " 
قال الطبيب خالد : " لا داعي لذلك دعيك هنا " 
خرج احمد وابي وقلبي بدأ الخفقان وبدأت يداي بالارتجاف ، لقد انتظرتهم دقيقه .. ربع ساعة.. نصف ساعه
ثم خرجوا وكانت هذه اطول نصف ساعة في حياتي كلها .
خرج ابي باعين حمراء ووجه احمر واضعاً يديه على عينيه ، اما احمد فبدا وكأنما تلقى ضربه قويه على وجهه
بدأ مصدوماً بشده ، وخرج الطبيب من بعده ونظر الى ابي واحمد فاخبرني : " حسناً ، قدر الله وماشاء فعل ! " 
أنا : " ماذا هناك ايها الطبيب؟ ارجوك اخبرني " 
اخبرني الطبيب : " يجب ان تعرفي ان هذا قضاء الله وقدره ، ولا يمكنك تغيره باي طريقه كانت "
أكمل : " تشير الفحوصات انك مصابة بمرض السرطان ، سرطان الدماغ " 
لم أستطع التفوه باي كلمه .
أكمل : " للأسف تم اكتشاف السرطان في وقت متأخر الى ان تحول الى سرطان من النوع الخبيث "
انا : " ماذا تقول؟ " وبدأت الدنيا تدور في رأسي بدأ الدكتور يتمتم بكلمات لا استطيع فهمها 
كلمات من لغه اخرى . 
أكمل الطبيب : " ماذا بك ندى؟ " 
أنا : " الا يوجد علاج لهذا المرض!! بل يوجد ! انا متاكده ، الطب تقدم ايها الطبيب .. ارجوك اخبرني " 
الطبيب : " لسوء الحظ ، كنا سنتدخل جراحياً لاستئصال الورم .. ولكن يبدو ان الورم قريب من مكان حيوي هام في مخك " 
نعم ان حظي سيء ، انه مجرد حلم سيء ، نعم انه حلم .. لماذا انا اصاب بهذا المرض .. هناك الكثير من الفاسدون في هذه الارض
السنه الماضيه قمت بحمله لتوعيه النساء من سرطان الثدي ، فكيف اصاب انا بسرطان الدماغ .. لماذا انا من بين كل البشر ! 
انه كابوس مزعج ساستيقظ منه الان ، فرصه حصولي على هذا المرض هو 0 % نعم ! 
ارجعني صوت الطبيب الى الواقع مره اخرى : " هل تريدين ان تستخدمين العلاجات الكيميائيه؟ "
نظرت الى احمد : " وماذا ساستفيد؟ " 
الطبيب : " الفائدة منها محدودة ، لكنها لا يمكنها من الدخول الى المخ عن طريق الاوعية ، ولكن يمكن حقنها في السائل المخي الشوكي " 
بدأت بالبكاء الصراخ كالمجنونه ، بدات بالتفوه باشياء غير منطقيه .. اتهمت الطبيب انه مجنون وانه يكذب
اتهمته انه سارق يريد مال العلاج الكيميائي لكي يسافر الى البلدان الاوربيه ! 
طوقتني ايدي أحمد وبدأ بالبكاء معي لكن مع ذلك قال لي بصوت يملأه القهر : " كل شي على مايرام " 
أتصلت اختي ساره على ابي قائله انها تريد البيتزا في طريق عودته الى المنزل 
صرخ عليها بشده : " اختك هنا على وشك الموت وانت تريدين البيتزا؟!!!! ماذا حدث بعقلك .. " 
لقد انفجر ابي لدرجه اني لا استطيع سماع مايحاول ان يقول بصوته الممزوج بالقهر والحزن ! 
أخبرت أحمد بصوت مرتجف : " أنا اسفه جدا .. سألتمس لك العذر اذا تركتني " 
بدأ التمسك بي اكثر : " لا تقولي هذا ، الم اخبرك بان كل شي سيصبح بخير ، الم اخبرك اني ساكون معك مهما كانت النتائج " 

باعيننا المتعبة 
وتفكرينا المتعب 
وارواحنا المتعبة 
نمنا في تلك الليلة 





كل كوابيسي محصورة حول فقدانك
روادني نفس الكابوس باننا افترقنا واصبحت وحيدة .. وحيدة جداً !
استيقظت من الكابوس لكني لم اشعر بوجود اي دمعه ولم يضايقني هذا الكابوس ابداً
وهذا أكثر ما اخشاه ، أن نصبح متبلدين بلا اي مشاعر
لا يهم ان نبقى او ان نرحل ، لا يهم ان تزال هناك مشاعر او اختفت المشاعر !
أن نمتلىء باللامبالاة بعد ما كنت تاسرني بتفاصيلك الصغيرة
ان نمتلىء بالخوف بعدما كنت تخبرني بان كل شيء على مايرام
ان أمتلىء بالموت بعد ما عشقت الحياة بعدك .

جلست في المستشفى اتلقى العلاج الكيميائي ، كانوا يرفضون زيارة احمد لي
لكنه كان يتسلسل الى غرفتي وهناك كنا نقوم بالتقاط الصور واللعب وكأننا اطفال
لم اتوقف عن العلاج الكيميائي ولم يتوقف شعري عن التساقط .. الى ان لم يتبقى لي ولا شعره
بدأت ابكي كالمجنونه ليس من اجلي ، لكن ماذا عن احمد؟ انه يحب شعري لحد الجنون
عندما اتى احمد متسللاً الى المشفى ورأى شكلي ولكنه حاول جاهداً ان يخفي صدمته .
قال : " ما اجملك اليوم ! "
أنا : " لم اكن بهذا القبح اكثر من هذا اليوم "
قال : " لا حقا تبدين جميله ! "
قلت : " لم يمسك المقص شعري من يوم ما عرفتك "
" اربعه سنين ليست بالقليله ، والان ذهب كل شعري! "
ظل صامتاً .
اكملت :
" تعودت ان افتحه كل صباح لكي تأتي وتربطه وتقول : اخاف من اعين الناس "
" وماذا سأخبر مشطي الحزين؟ وربطه شعري البائسه ؟ "
" وماذا ساخبر امي اذا زارتني في الاحلام "
أحتظنني وبدأ بالتمتمه وبقوله انه يحبني بشعري او بدون !
اراد ان يغير الموضوع بسرعه : " ماذا تريدين ان تفعلي اليوم؟
انا : " اوه ، نسيت ان اريك شيء كتبته منذ سنتين ولم اريك اياه "
قال : " ماهو ياترى؟ "
اعطيته ورقه بنيه قديمه جداً وعلى اطرافها قهوه مكبوبه
مستغرب : " ماهذه الورقه؟ "
اجبت : " انظر
" أشياء اريد ان افعلها قبل ان اموت :
- اسكن 5 دول اوروبيّة
- اشارك بمارثون
- اقرأ كل سنه 12 كتاب
- اتطوع بـ 100 ساعة عمل
- اتعلم لغة جديدة
- ارى اضواء northern .
واشياء اريد ان افعلها معك :
- اشاهد شروق الشمس معك
- اغني اغاني غبية معك
- نمسك ايادي بعض
- نشرب القهوة معاً
- نمشي في طريق طويل ونتحدث
- نشاهد افلاماً

ضحك وقبلني بعدها ، " هذا كل ماتريدينه؟ "
- " همم .. نعم "
- " شهادنا شروق الشمس وغروبها في يوم ميلادك ، ولقد غنينا افضع واغبى الاغاني على الاطلاق ! "
بدأت بالانفجار ضاحكه : " نعم نعم ، اتذكر ذلك اليوم ! "
اكمل : " انا لم اترك يدك ابداً ، وحتى ان لم اكن هنا ان لم اترك يدك ولن اتركها "
" شربنا القهوه سوياً وشهادنا افلاماً كثيره معاً " " بعد ما ماتت امك كنا نمشي في طريق طويل يؤدي الى محطه القطارات ..
لكنه كان هادئ جداً ، وبعد ممات امك ، وعندما لا اجدك في بيتك أظل ابحث عنك في ذلك الطريق حتى اجدك وحدك هناك "
اكملت بدلا عنه : " نعم ولقد اسميناه طريق الحب "
ابتسم وقال : " مازلت تتذكرين "
قلت : " صحيح اني فقدت شعري لكني لم افقد ذاكرتي "
بدأ بالتظاهر انه لا يسمع شي واكمل : " حسناً لم يبقى سوى خمس اشياء ونستطيع ان نفعلها! "
قلت : " لا لا نستطيع ، كيف وانا محبوسه داخل هذه الحجره؟ "
قال ضاحكاً : " لن تبقي الى الابد فيها"
قال : " حسناً ، ماذا عن ان نبدأ من غداً ؟
ساذهب الى المكتبه واحضر الكثير من الكتب لكي نقرأها؟ "
أنا : " هذا رائع ، ارجوك لا تحضر كتب تاريخيه ! "
هو : " لا تقلقي ، اعلم ماذا تحبين "





بعد ان غادر احمد غفوت كطفله متعبة
لم يعد يراودني ذلك الكابوس ، لأن الكوابيس لم تعد تنتظر وقت النوم لكي تزعجني
بل الكوابيس بدأت تطاردني حتى وانا مستيقظة .. فكرة الموت .. فكرة فقدان احمد وابي .. فقره الابتعاد من هذه الحياة ، انها كوابيس
أنه الشهر الثاني لي في المشفى ، تصادقت مع الممرضات في المشفى .. واعتدت ان ارى امرأه ساكنة بجانب المشفى تقوم كل يوم الساعة 7
بنشر الغسيل ، وفي كل مرة اراها تحتضن معطف لرجل ما وتبكي عليه ، كنت دائما اتساءل هل هو زوجها؟ اين ذهب؟ هل مات؟ ام هو في الخدمة العسكرية؟
بدأت بسماع نبضات قلبي تتراقص ولكن لم اعرها اهتمام ، اذا كانت هذه هي لحظتي فانها كذلك .
اخذت ورقة وقلم وبدأت بالكتابة :
" عزيزي أحمد :
أعلم بان ليس هذا ما اردته .
اعلم بانك تريد ان يكون لديك زوجه ، لذا لا تقف عند ذكراي يوماً بل ابحث عن فتاة جديدة
فتاة تستحق ان تحمل اسمك وتكون ام لابنائك .
اعلم باني جرحتك يوماً من الايام ، اعلم بتقصيري وعدم سؤالي عنك قد جرحك !
انا دائماً اجرح الاشخاص الذين احبهم ، الاشخاص الذين لا ينبغي علي جرحهم
انا دائماً اخذ اجمل وردة وانزع اوراقها واجرحها .. وهكذا انت .
فاذا جرحتك في يوم من الايام فاعلم لاني احبك جداً .
احبك وانا سعيدة بمعرفتك وسعيدة باننا في مجرة واحدة وكوكب واحد
وفي نفس البلدة والمدينة ، ترى السماء التي اراها ، ترى القمر الذي اراه
تسنشق نفس الهواء .. كم انا محظوظه !
أحبك "
لماذا لم اتعلم ان اعامل كل شيء على انه اخر مره؟ .؟أكثر شيء ندمت عليه اني أمنت بالمستقبل كثيراً !
بدأت نبضات قلبي تزداد عن المعدل الطبيعي ، جاء الطبيب لكي يعمل تخطيط القلب
كنت في في حالة برود كبيرة ، ولم اكن افكر سواه جلست على الكرسي واغمضت عيني
ودعيت ربي ان يرزقه بافضل حياة . وانتهيت ! 




ولكن امسكني احمد بكتفي وادارني وقال بجديه : " هل تشعرين بالرغبه في البكاء؟ "
انا مستغربه : " لا .. ابداً "
قال :" استطيع ان ارى حزنك ، حتى عندما تبتسمين وحتى عندما تضحكين .. استطيع ان ارى من خلال عينك
في اعماق قلبك شيء يريد ان يبكي "
- " لا .. ليس كذ.. " وبدأت بالبكاء كالطفله وبدأت اشكو له كيف سافقده عندما اموت ...

*تراها ثاني قصة لي ، فاعذروني على الاغلاط الاملائيّة او حتى الاسلوب $: 
تعلقياتكم بتشجعني وانتقاداتكم بتطورني .. وشكرا $: *